عودة المياه ،، أ. محمد الشريف
الحبيس يرضى ويقول هذا قدري لأنه أحياناً يرى الماء الصافي فينتعش بالأمل
عاد الماء الصافي ، خف الذي كنت أحمله فوق اكتافي ، كدت أنسى الصفاء ولكن أحمد الله أنه جاء ، أشعر بهدوء قليلاً ، نامت عيني ليلاً وهذا عندي كافي .صراع شديد في الفترة الماضية ،يريد الماضي أن يُوقعَني في شباكه وأريد أن أهرب لأعيش في الحاضر أو أهرب من الحاضر لأعيش المستقبل تائهاً بين الثلاثة ولكن هذا الماضي أخطرهم لأني رأيته بعيني و أعرف نواياه يُريدني أسيراً له وأن أنتهي مِثلما انتهى وأن أنعاه دائماً ولا أشعر بالدفى ،أُقاوم أحياناً وأحياناً أستسلم ولكن نسيان الماضي دائماً أسلم . الوقت يمضي فقررت أن أفتح عيني لأرى ما حولي، ليس مثل ذكريات الماضي السعيدة قطعاً ولكن في نفس الوقت ليس مثل ذكريات الماضي الحزينة فلماذا أظلمه وأحكم عليه بالإعدام قبل أن يُولد ، قررت أن أمنحه فرصة لأن يُوجد .
ماذا يفعل الصمت لأسابيع فيمن حولك ؟ قطعاً يقتلهم بالبطيء ويقتل روحك ويأكلها أكلاً ويلتهم ما تبقى من عزيمتك ،قررت أن أُنقذ ما تبقى وأن أتخلى عن من قد تخلى ولا أحزن إلا على ما يُحزن ، أفتقد كثيراً شعور كُنت أظن في الماضي أنه شعوراً سيئاً ولكن اتضح لي أنه شيء جميل وأود أن أعيشه ثانية ، وهو شعور أن أستيقظ ولا أريد أن أستيقظ لأن عيوني تملؤها النوم ولكن أدركت فيما بعد أنه طالما أتذمر ولدي رغبة في عدم ترك فراشي، أنني كنت مُستغرق تماماً في النوم ولا أريد أن أُنهي هذا الشيء الجميل وهذا يختلف تماماً عما يحدث معي الآن لفترات طويلة وهو انتظاري لحظة دقة المنبه لكي آخذ قرار النهوض من السرير وإنهاء هذه الحالة من عدم الاستيقاظ وعدم النوم في آن واحد وكأني حبيساً ينتظر لحظة الهروب من سجن ولكني أتفاجىء أني أستيقظ على سجن أيضاً لكن سجن أكبر وهو الحياة ولكنه مزخرف وبلا أسوار ولكن السجن الأخطر أحمله داخل صدري أحبس به قلبي …ولكن الحبيس يرضى ويقول هذا قدري لأنه أحياناً يرى الماء الصافي فينتعش بالأمل ويعود ليدق فيرى في كل من حوله كل ما هو دافي.
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،، أ. محمد الشريف