مقالات منوعة

طعم البدايات ،، أ. محمد الشريف

كل شيء لها مذاق مختلف ،يختلف عن المرات المُكررة التي نفعل فيها نفس الشيء

أعتقد دائماً أن بداية كل شيء لها مذاق مختلف ،يختلف عن المرات المُكررة التي نفعل فيها نفس الشيء، فقط تخيل معي… أول لمسة للماء .. وكيف كان يجري من بين أصابعك ،تخيل معي أول لمحة لمحتها للسماء.. وهذه اللحظة تحديداً كنت تتمني أن تمتلك أجنحة لتتجول في هذا الفضاء ولكن عندما كبرت عرفت أن ذلك ليس ممكناً ولكن اللحظة التي فكرت فيها في ذلك دون أن تعرف حقيقة عدم تمكنك للطيران تبدو جميلة ، تخيل معي أول شعور بالوفاء… غالباً مقابل شيء بسيط جداً فعلته لأحد عندما كنت صغير وشعرت بهذا الشعور وقررت أن تكرر ما فعلته لكي تشعر بهذا الشعور الجميل مرة أخرى ولكن لاشك أن المرة الأولي كانت الأجمل، تخيل معي أيضاً أول نبتة زرعتها بيدك وكيف كنت ترعاها وكأنها أحد أفراد عائلتك ثم يقفز قلبك فرحاً عندما تُخرِج وردة ولا شك أن هذه الوردة الأولى في نظرك كانت الأجمل على الإطلاق وقد خلقها الله في أحسن صورة ليجعلك سعيداً ، تخيل معي أول أكلة أعددتها بيدك ،لم تكن بالتأكيد بهذا المذاق المثالي الذي تصنعه أُمك ولكن كان لها طعم مختلف في فمك وتريد كل من يراها أو يتذوقها أن يقول أن هذا أفضل شيء تذوقه ورآه ،تعرف لماذا ؟ لأنها ببساطة أول مرة والمرات الأولي غالباً مختلفة عند صاحبها ولكن ربما لا تكون كذلك عندما نسأل شخص آخر عنها فهي مرتنا نحن الأولى وليست مرتهم الأولى . تذكر معي المرة الأولى الذي طلب فيها المُعلم من الطلاب أن يصفقوا لك لأنك جاوبت سؤالاً صعباً ،بالطبع شعرت في هذه اللحظة أنك تفُوق العلماء عِلماً وتقرر أن تصبح طالباً مجتهداً لكن تحصل علي مثل هذه الأشياء مرات ومرات . وبالطبع في هذا العصر الذي نعيش فيه اشتريت الكثير من الجوالات ولكنك لا تنسي أبداً أول نوع حملته والذي جاء بعد إلحاح شديد منك علي والديك ولذلك فله مذاقه الخاص . ارجع بذاكرتك قليلا ً وتذكر أول عمل عَمِلتَه وأول مقابل مادي حصلت عليه مقابل هذا العمل الذي قمت به وكيف كان شعور لذيذ  وكيف كنت تشعر أن المبلغ كبير جداً وهو في نظر الآخرين ضئيل جداً ثم تقرر أن تشترى شيئاً ثميناً بهذا المال الثمين والذي غالباً ما تحتفظ به حتى الآن رغم بساطته .

لو تكلمنا عن البدايات لاحتجنا صفحات وصفحات ولكن كل منا يُمكن أن يسترجع بداياته مع الأشخاص والأشياء ،وسوف يكتشف الكثير… ولكن قررت ألا اتكلم عن النهايات لكي لا أُضيع حلاوة  تلك البدايات .
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،، أ. محمد الشريف

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى