اُحِب المزاح مثل باقي الناس بلا شك فهو يخلِق جواً جميلاً تحتاجه النفس في هذا الجو الضاغِط الذي نعيش فيه ولكن بعض الأحداث إذا رأيتها أعتبرُ المزاح فيها جريمة، فتجد مثلاً من يمزح بشأن رفع الأسعار مُستغلاً هذه الفرصة السانحة لإظهار قدرته على إضحاك الناس ،في الحقيقة لا أجد هذا الموقف أو المواقف المشابهة له مُضحكة على الإطلاق ، لأن الرجل البسيط ربما يبكي عندما يسمع خبر مثل هذا ولكن يبكي في صمت لأنه يكافح ويكافح ليعيش على الوضع القديم ويحسبها ويبتسم عندما تكتمل حِسبته دون ديون ، وبالمناسبة انا لست ممن يتأثرون كثيراً بالأسعار ولكن أشعر بهذه الطبقة التي أصبحت تعيش يوماً بيوم،ولا تفكر ابداً في الكماليات والرفاهيات بل في الأساسيات التي تُبقيها على قيد الحياة ، فلتضع نفسك مكانه هل سيكون الوضع مضحكاً لو كُنت مكانه، لذلك فالصمت في هذه المواقف خدمة جليلة إذا كنت لا تقوى علي فِعل شيء، هذه ليست دعوة للكآبة أو اليأس ولكن محاولة وضع المواقف في مكانها الصحيح فكيف تبكي في مباراة كرة قدم ولا تبكي لمن نزفت قلوبهم دم في فلsطين وتبات مهموماً لخسارة فريقك وتُشاهد الجثث بتبلُد تام وكأن ذلك شيئاً عادياً فقط لأنه يحدث يومياً، فأنا من مُحبي كرة القدم ولكن أراها رياضة ودورها الترفيه فقط وإن فقدت هذا الدور فلا داعي لها ولا يليق بشاب أن يختلف مع صديقه بسبب مباراة مهما كان .أنصحك أن تضحك على أشياء تُضحِك وحاول أن تكون إنساناً في المواقف التي خُلقت كلمة إنسانية لِتظهَر عندها ،واضبط مشاعرك التي تستهلكها الكثيرمن المواقف التافهة حتي إذا جاءت المواقف الحقيقة التي تستحق لا تجد ما تُعبر به لأنك استنفذتها في أشياء كنت ترى أنها حقيقية ولكن في الحقيقة هي مواقف صُممت لإفراغ طاقات كان يجب أن تُفرغ فيما هو أهم ، فيجب إعادة ضبط المصنع لمشاعرك واستعمل كل منها في مكانه الصحيح.
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،،، أ. محمد الشريف