فشل العلاقات الزوجية، أ. قتيبة حسين علي
في عمق تلك اللحظات الصامتة التي تمر بين الرجل والمرأة تحت سقف واحد، تنبثق تلك الخيوط الدقيقة التي تربط بين قلبيهما وروحيهما.
في عمق تلك اللحظات الصامتة التي تمر بين الرجل والمرأة تحت سقف واحد، تنبثق تلك الخيوط الدقيقة التي تربط بين قلبيهما وروحيهما. لكن، ما أبشعها عندما تبدأ تلك الخيوط في التشابك بشكل خاطئ، وتتحول إلى قيود تقيد حريتهما وتعتقل إحساس كل منهما بالذات والآخر.
وربما ينبع تفسير ذلك كون الرجل والمرأة وان كانا يعيشان معا، يكون كل منهما غافلا تمامًا عن مشاعر الآخر. هذا المشهد الذي أتخيله يبدو كلوحة فنية مظلمة، حيث يحاول كل منهما سرقة جوهر الآخر بلا رحمة. في هذا المأزق، يفقد الإنسان جزءًا من ذاته، ويتلاشى شعوره بالذات وبالآخرين.
ولا شك أن الوعي الذاتي والاحترام المتبادل هما الأساس لأي علاقة صحية ومستقرة بين الشريكين. عندما يختفي هذا الوعي ويتحول الاحترام إلى استيلاء على المشاعر والهوية الفردية، تصبح العلاقة سجنًا نفسيًا يعاني كلا الطرفين فيه.
وهذا الاستيلاء على إحساس الآخر يشكل بذاته هو جريمة ضد الإنسانية، فالإنسان يحتاج إلى الشعور بالكرامة والاحترام من حوله لينمو ويزدهر. فعندما يُسلب شخص من ذاته، يبدأ في الانهيار النفسي تدريجيًا، ويفقد القدرة على التعبير عن ذاته بحرية.
فالاستيلاء على إحساس الآخر بذاته ليس فقط انتهاكًا لحقوقه الشخصية، بل هو تشويه لجمالية العلاقة الإنسانية. إذ يعتمد نجاح أي علاقة على احترام الذات واحترام الآخر، وعندما يفقد أحدهما هذا الاحترام، تتلاشى قيمة تلك العلاقة وتتلاشى بريقها يومًا بعد يوم.
إن الإحساس بالناس والعالم من حولنا ينبع من توازن داخلي وثقة بالنفس يجب أن تكون حاضرة بين الشريكين دائمًا. إذ عندما يشعر كلٌ منهما بعدم وجود هذا التوازن، يبدأ كل منهما في الشعور بالعزلة والضياع رغم وجود الآخر بجواره.
ولا شك أن التفكك الذاتي والانعزال يمكن أن يكونا النتيجة النهائية لعلاقة مليئة بالاستيلاء والاكتئاب. إن عدم وجود التوازن والتبادل الصحيح في العلاقات يمكن أن يؤدي إلى خسارة الهوية والشخصية.
لذا، فإن أبشع ما يمكن أن يحدث هو أن يعيش شخصان تحت سقف واحد دون تقدير لبعضهما البعض، حيث يصبح كل منهما سَجانًا للآخر بدل أن يكونا داعمين وملهمين لبناء حياة مشتركة تنمو بالحب والاحترام المتبادل.
فلنتذكر دائمًا قيمة الاحترام والتوازن في العلاقات الإنسانية، فالعيش معًا يشتد بريقه عندما يكون كلٌ من الرجل والمرأة قادرًا على التعبير عن ذواته بحرية، دون خوف من سلب أو انتزاع.
ولنبني علاقاتنا على أسس الاحترام والثقة المتبادلة، لتكون كل لحظة نعيشها معًا مليئة بالتفاهم والمحبة، تغذي قلوبنا وتملأ حياتنا بالسعادة والسلام الداخلي.
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،، أ. قتيبة حسين علي