الإسلام دين الرحمة والمحبة والتعايش السلمي، ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام يريد قتل الإنسان وتعويقه، هناك مجالات جدا قليلة في مبدأ القصاص حددها الإسلام مثلا إنسان يقتل إنسانا آخر في هذه الحالة يتم تنفيذ حكم الله من أجل إصلاح المجتمع، حيث يعتبر القصاص في الشريعة الإسلامية من أكبر وأهم العوامل لاستقرار العدل في المجتمع والأمن في نفوس الناس، وفيه أيضا الاحتفاظ بكرامة الإنسان وحريته، ولا تحصل هذه الكرامة للإنسان إلا بالعدل والقيام بالقسط والعيش الآمن.
لقد شرع الإسلام أحكاماً صالحةً لكل زمان ومكان، ومن يلتزم بها يجد في نفسه ومجتمعه مكانًا صالحًا للعيش الكريم، القصاص يؤدي إلى توفير أمن المجتمع، وحماية الأنفس، شرع الله سبحانه وتعالى القصاص لصيانة الناس من اعتداد بعضهم على بعض، وقال: «ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب، لعلكم تتقون» (البقرة آية 179) وفي هذه الآية عرف القصاص وذكر الحياة للاشعار بأن الحياة المرتبة على القصاص نوع خاص من الحياة عظيم، ولا يقف على أهميتها ومدى منافعها وغايتها إلا أولو الألباب وأصحاب البصائر والعقول الذين خاطبهم الله تعالى في نهاية الآية.
زعم الشاعر والروائي الفرنسي ورأى في القصاص موت وقال في يوم الخامس عشر عام 1848 أمام المجلس التأسيسي لقانون الجمهورية الثانية لفرنسا: «إن الحياة منحة من الخالق إلى عباده، وهي حق لله يعطيها من يشاء، ويأخذها ممن يشاء، فعليكم التكريم والاحترام لحق الله»، وقد نسي هذا الشاعر بأن القصاص يمنح الآخرين من الاعتداء على حياة الباقين من البشر.
إن الشريعة الإسلامية منظومة فريدة من لدن حكيم خبير، وقد اتخذت هذه الشريعة الغراء كافة التدابير الاحترازية لمعالجة تفشى الجريمة في المجتمع، وتصدت بحزم للقضاء على الانحراف الإجرامي، وكان للشريعة الإسلامية الدور الريادي في علاج ظاهرة الاجرام والتقليل من ارتفاع مؤشر الجريمة في المجتمع الصالح عندما كانت في سدة الحكم.
إن عقوبة القصاص علاج ناجح في معالجة حوادث القتل والفساد الاجتماعي، وتعتبر من أبرز الاحكام الشرعية التي تحفظ حياة الناس في المجتمع، حيث يكمن في عقوبة القصاص إصلاح الحياة الإنسانية، وتحقق للأمة الأمن والسلام والبناء الحضاري في المجتمع، تحافظ على حياة الناس الاجتماعية والأمنية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية، فيعم الأمان ويسود الاطمئنان و الرفاه الاجتماعي.
إن القصاص نظام من أنظمة العقوبات في الشريعة الإسلامية، فقد يبدو فيه الصرامة والشدة، لكنه بعيد كل البعد عن أن يكون تعذيبا للجاني أو تنكيلا به، فالقصاص من أنجح وسائل الردع بالعام، وهو رحمة حازمة تحافظ على كيان المجتمع وتماسكه، فالقصاص هو من أجل الحفاظ على حقوق الناس.
دكتور معراج أحمد معراج
الهيئة العامة للإعلام