مجرد راي ……..
في عالم يعج بالآراء والافكار المتنوعة، قد يكون وجود موافقة الآخرين على حكمك مفيداً في تقييم الأشياء. فإذا كان الآخرون – أو أغلبهم – يتفقون معك، قد تشعر بالثقة في قراراتك وتقييماتك. ومع ذلك، ينبغي أن تكون حذرًا من البناء على اعتبار ذلك الاتفاق قاعدة دائمة وصحيحة دائماً.
وعندما يُجمع الآخرون على حكمك أو يتفق معظمهم عليه، فإن ذلك قد يكون إشارة قوية نحو صحة وجدارة هذا الحكم. إلا أنه، يجب عليك أن تكون حذرًا من الاعتقاد الجازم بأن هذه القاعدة هي الحقيقة المطلقة دائمًا. فالكثافة في الأراء لا تعني بالضرورة صدق الحقيقة بذاتها.
فمواقف الأغلبية قد يكون مجرد تصاعد للضغط الاجتماعي أو تأثرًا بالعوامل الخارجية بدلاً من البناء على أساس صلب من الحقيقة. لذا، يجب عليك أن تبقى مختلفًا وأن تمارس تمييزك الشخصي دومًا.
يجب أن تنبذ الركاكة العقلية والتفكير السطحي، وتسعى دومًا لاستكشاف الحقيقة بمفردك والوصول إلى استنتاجاتك الخاصة. فالحقيقة تتجاوز أحيانًا ما يظنه الآخرون، ويمكن أن تكون مغايرة تمامًا للرأي السائد.
فالكثرة لا تعني بالضرورة الصواب. فقد يكون الحق في ذاته غير قابل للتعدد أو للربط بأراء الأخرين.
ولا يقاس الصدق والحقيقة بالأكثرية، بل يكمن في صلابة الحق في ذاته.
إذاً، يجب علينا أن نمارس الحذر في الاعتماد على آراء الآخرين كمعيار لتقييمنا، وأن نسعى إلى تطوير قدراتنا على التفكير المستقل واستنباط الحقيقة من خلال تقييمنا الشخصي. قد تكون الأفكار النمطية والمألوفة سهلة القبول، لكن الحقيقة قد تكون في مكان آخر، ربما في التفكير الذي يتحدى الرأي السائد ويستكشف المجهول.
رحم الله الحلاج، الذي تحدى الأفكار السائدة ورفض الانصياع للرأي الجماعي، مما جعله مثالاً للتفكير المستقل والمقاومة الفكرية. فلا تنبذ الحكم الجماعي بشكل كامل، ولكن ينبغي عليك أن تتذكر دائمًا أن صحة الموقف تكمن في صلابته ومنطقيته دون الالتفات فقط لما يروج له الأغلبية.
لذا، كن مستقلاً في تفكيرك، واستند إلى الحقائق والدلائل قبل أن تؤسس حكمًا معينًا، حتى تكون قادرًا على إصدار أحكام صادقة ومنطقية تقوم على أسس قوية وثابتة.
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،،، همام حسين علي