الفضاء القاسي
الانسان العربي وليد بيئة صحراوية قاسية تمتد من شبه الجزيرة العربية إلى أقطار البلاد المغاربية
الفضاء القاسي
لا شك أن الانسان العربي وليد بيئة صحراوية قاسية تمتد من شبه الجزيرة العربية إلى أقطار البلاد المغاربية التي تمثل الصحراء أكبر مساحة فيها، مما يعني أن العقل العربي هو نتاج هذا الفضاء القاسي الذي تعلم من خلاله المقاومة والصمود. فعبر عن مواقفه من الحياة في كثير من القصائد الشعرية التي صنعت مجده منذ الأزل، ولا يزال المبدع العربي اليوم يستقي من بيئته الأصيلة صنوف الإبداع والتميز متخذا من الصحراء مجالا للكتابة السردية (الروائية) إبداعا وتأملا ومقاومة. فالصّحراء بالنسبة له موطن الحكايات الأولى وزاده لمعرفة تراثه وانتمائه، إنها فضاء مليء بالميثيولوجيا والعجائبية والقصص الأسطورية التي كان يستأنس بها في ذلك الفضاء شديد الاتساع، هذا من جهة، وتمثل تاريخه ومقاومته لقساوة الطبيعة وفراغ الزمن من حوله، من جهة أخرى.
وهذا ما جعلها تتحول من فضاء للموت والضياع والتيه إلى فضاء للمقاومة والبحث الدائم عن سبل الانعتاق من المخاوف التي تفرزها، ولذلك كان الاحتفاء بها من باب التقديس للتراث وإعلان للهوية العربية، وهذا ما أكدته المستشرقة الأميركية (كولي كونستتين ) في قولها “إنّ جذور العرب تعود إلى هذا الاتساع المترامي أي الصحراء، وهم يمزجون في غالب الأحيان بين الماضي والحاضر، والمدهش أنهم يبحثون في المستقبل، لذلك ستبقى الصحراء أي المكان واللامكان حاضرة باستمرار في الكتابة العربية وفي الابداع العربي.”
الهيئة العامة للإعلام
دكتورة حميدة القادم
الجزائر