مقالات منوعة

تنمية مستدامة وكوكب اخضر , تجارب بشرية متنوعة مع التصحر,(الجزء الثالث)

الصحراء , شعوب ورمال) الفصل الثاني

تنمية مستدامة وموكب اخضر

, (الصحراء , شعوب ورمال)
الفصل الثاني

تجارب بشرية متنوعة مع التصحر,(الجزء الثالث)

1 استراليا والصحراء :

عاش السكان الأصلين لأستراليا عشرات آلاف السنين فيها , وأعطتهم من خيراتها , ولم يحتاجوا ألجوء للزراعة ولا للاستيطان الثابت دوما , ولم يمروا بمرحلة التقسيم الاجتماعي للعمل , بين قبائل زراعية وقائل رعوية , وتجمعات سلطة ونظام سياسي ومدن , ومدنية كما يحب تسميتها منظرين النظام العنصري المتخلف .

عرف السكان الأصليين طبيعة بلادهم وأرضهم وتعايشوا معها منذ زمن بعيد, واستخدموا طرق ووسائل كثر للحافظ عليها وعلى خصوبتها و استمراريتها في العطاء واستدامتها , ومن ضمن هذه الطرق الحرق , الذي شكل عادة متوارثة من أجدادهم .

يشكل الحرق عامل هام جدا لتجديدي المكان و إفساح المجال للحياة الجديدة , ويمنع تراكم الأعشاب الجافة اليابسة بكثرة , وهناك نبات شهير جدا في استراليا يسمى (السبينيتكس) , وهو نوع من النبات العشبي القادر على التكيف مع ظروف الجفاف والحر , وهذا النبات يصل ارتفاعه إلى حوالي أل مترين , وعرض نصف قطر المساحة التي قد يصلها إلى 5 أمتار , وتصل جذوره إلى ما يقارب أل 30 متر تحت الأرض .

كما ويطلق هذا النبات مواد كيميائية تمنع نموا أي نبات عشبي آخر منافس قريب منه , ويشكل الحرق طريقة للقضاء على هذه المواد السامة التي يلقيها هذا النبات في الأرض من حوله .

في الوقت الذي يتم إحراق الأجزاء الخارجية منه , بينما تبقى جذوره ضاربة عميقا في الأرض , وما أن يهطل المطر حتى تعود الحياة وتنموا جميع أنواع الأعشاب بعد أن تم حرق الجاف من السبينيتكس ومخلفاته وغيره من الأعشاب .

ينموا العشب من جديد ويأكل الكنغر وغيره من الحيوانات , بينما يجمع السكان الأصلين بذور السبينيتكس كحبوب يدخلونها في غذائهم , و مع نهاية الموسم يحرقون النبات وما حوله من أعشاب , هذا لا يقتصر على هذه الفوائد لوحدها , بل يقتل الكثير من المواد الضارة الأخرى .

يساهم الحرق المقصود والمنظم الذي يقوم به السكان الأصليين في عدم تراكم الأعشاب والنباتات الجافة , مما يمنع وقوع الحرائق التي تسببها الرياح الحارة التي تهب في الصيف , وحتى لو وقعت بعض الحرائق بسبب الصواعق وغيرها , حتما لن تكون كبيرة وواسعة ويسهل السيطرة عليها إن لم تتوقف لحدها بحكم قلت المواد الجافة التي لا تتراكم بل تحرق مع نهاية كل صيف .

هناك الكثير من الأنواع التي يمكن استعادتها في استراليا , وما زال الكثير من أنواعها غير معروف وغير مدروس من قبل العلماء المعاصرين, وهناك مثلا نوع من النبات الاسترالي الذي يمكنه العيش في التربة الملحية والقلوية العالية , وهو معروف أيضا في المناطق العالية الملوحة , ومتواجد نوع منه في غور الأردن في فلسطين المحتلة ومحيط البحر الميت , ويسمى علميا القطاف الملحي , وفي التسمية الشعبية في فلسطين يسمى (القطف) وهي نبتة ملحية معروفة ولا تفقد أرواقها في الشتاء .

في استراليا هو نوع أصلي أيضا , وهناك أكثر من نوع منه ويتم اليوم زراعة الملايين منه في الصحراء الأسترالية , كغذاء للخراف , وللحفاظ على تماسك التربة وعدم جرفها مع الرياح , ونبتة وجودها يساهم في تخفيض الملوحة من التربة , بحيث هي ذاتها نبتة مالحة وتمتص كمية من الملح , وتذهب جذورها عميقا في التربة , بما يزيد عن العشرين متر , مما يساهم في نزول المياه عميقا في التربة , مما يخفف من نسبة الأملاح في القشرة السطحية للتربة.

هناك الكثير من النبات والأنواع الاسترالية الذي ما زال البحث جاري حوله من اجل محاولة استعادة النظام الأصلي القديم للبلاد بما تبقى من مواده ونباته المناسب والمنسجم مع ظروف طبيعة القارة ومناخها.

أدرك المستعمرين اليوم بعد 100 عام أن هذه الخبرات تستحق الدراسة , وحين درس العلماء وراقبوا المناطق التي يقوم السكان المحلين بحرقها اكتشفوا ما لم يكن يخطر ببالهم , بحيث النمو والانتظام للعشب والتنوع , وقلت الحرائق الطبيعية , بل شبه غيابها عن تلك المنطق .

أصبح العلماء الذين بحثوا في هذه المناطق يتحدثون بكل إحرام وتقدير عن خبرات هذه الشعوب , وبكل خجل عن ما فعله معهم الاستعمار الجائر التعسفي , بحيث عاشوا هم في القارة أكثر من 55 ألف عام ولم يفسدوا بها شيء بل عاشوا بكل حب وتناغم وانسجام مع الطبيعة ولم يعبثوا بها , بل على العكس فهموها وساهموا في الحفاظ عليها واستدامتها كل هذه السنين الطويلة .

ولكن المستعمرين خلال اقل من 100 عام حولوا القارة من مساحة خضراء غنية بالحياة والتنوع , إلى صحراء قاحلة , ولم يبقى من مساحة هذه القارة الكبيرة اليوم صالح للحياة سوى مساحة لا تزيد عن 23% من مساحة القارة الكاملة , وهي في تناقص مستمر , والكفاح اليوم على أشده من اجل محاولة التخفيف من سرعة هذا التدهور المناخي الكارثي الذي حل بهذه القارة بسبب حماقات البشر المتمدن وجشعهم ووحشيتهم المدمرة .
تم

مملكة اطلانتس الجديدة , ارض الحكمة ,
ائتلاف التنمية المستدامة ,
تنمية مستدامة وكوكب اخضر ,
رماز الأعرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى