رماز الأعرج في (الصحراء , شعوب ورمال) مقدمة ,, الجزء 2 )
لذلك ابتعد الرعاة بماشيتهم عن المدن الكبيرة منذ القدم , وعن محيطها من الأراضي الزراعية الخصبة المستعمرة من قبل المدن , وراحوا يتوغلون عميقا في الصحاري والبوادي والمناطق الشبه جافة , بل ومنهم من توغل عميقا في الصحاري القاحلة ولكنه غير ماشيته و أصبحت من الجمال التي هي أصلا تعيش في هذه البيئة .
طور الإنسان حياته مع الصحراء وتأقلم معها ومع حيواناتها وما بها من أنوع الحياة منذ آلاف السنين كما هي ولم يحدث أي ضرر أو تأثير مباشر , وكانت حياة الترحال لهذه القبائل بحسب الكلاء والخضرة وبذلك فهي غير مستقرة وعابرة , وتمر سريعا ولا يحدث مرورها الكثير من الضرر , بل بالعكس أحيانا يساعد الرعي المعتدل في إعادة انتماء الحقول والأعشاب البرية في حال كان متوازن وضمن المعقول وكذلك يشكل روث الحيوانات مصدر للسماد و إخصاب الأرض ما دام بنسبة معقولة أيضا .
ما زال هذا النظام في الكثير من دول العالم وشعوبه الأصيلة مثل أفريقيا واسيا ودول أمريكا ألاتينية وغيرها في المنطقة العربية , أي تقام المدن ومن حولها المناطق الزراعية المستقرة لإنتاج الخضروات والفاكهة وغيرها من الأشجار المثمرة , بينما الرعي والمواشي تسرح في مناطق بادية شاسعة بعيدة و أكثر جفاف , بغض النظر عن وجود نظام رعي وقوانين أم لا.
نحن لا نعرف الأسباب الحقيقية لوجود جميع الصحاري على كوكب الأرض ولكنا نعرف الكثير عنها ونعرف أن الكثير منها كانت في الماضي مناطق خضراء , مثل الصحراء أليبية مثلا التي اكتشف بها صور جداريه قديمة تعود حوالي 10 ألاف ق م تصور حياة السكان والحيوانات التي كانت تعيش في بيئتهم , مثل الفيلة الزرافات والوعول والغازلان وغيرها الكثير مثل أشخاص يسبحون في المياه .
وفي مناطق أخرى كثيرة حول العالم هناك مناطق كانت في القديم خصبة وخضراء وذلك بالدليل الأثري و الأركيولوجيا المباشر , ولا نعلم الكثير عن تدخل الإنسان في القديم من اجل محاولة إعادة إعمار الصحراء بل كان في الغالب يهجرها وحسب ,
وفي أحيان كثيرة كان البشر من يتسببون في القحط من خلال الرعي الجائر او غيره من السلوك الذي يفقد المناطق الشبة جافة والجافة الكثير من قدراتها على تجديد الحياة وتتحول إلى مناطق قاحلة تدريجيا وتصبح في مسار يبتعد عن القدرة على تجديد الحياة بضعة سنين وقد يصل في بعض الحالات إلى الفقدان الكامل للقدرة على احتواء أي حياة مجددا .
اليوم نحن نمتلك الكثير من التقنيات والعلوم والمعارف البشرية والخبرات المتنوعة , وأصبحنا نمتلك قدرا كبيرة قادرة على إعادة أعمار الصحراء وتحويلها إلى بساط اخضر مثمر ومزدهر بالحياة والتنوع البيئي الحيوي المتوازن والمستدام , وهذه الرمال التي نراها صحاري قاحلة تحتوي على خزانات كبيرة من المياه في أحشائها وغالبيتها مياه صالحة وعذبة وقابلة للاستصلاح والزراعة غيرها .
كما ويمكن ابتكار الكثير من الطرق لتوفير المياه للري الضروري للمزروعات الصحراوية , العلم سلطان بلا حدود وملكا بلا قيود , والاستفادة من التجربة البشرية القديمة الأصلية بكل تنوعها وثقافاتها ودراستها وتسجيل خبرات القدماء من خلال ما تبقى منهم على قيد الحياة في كيفية تعاطيهم مع الطبيعة الصحراوية ونظامها ,
أن تسجيل هذه المعلومات توثيقها , والاستفادة منها أمر ملح وضروري , إلى جانب الخبرات العلمية والمعروفة , مع الحذر من التقنيات الحديثة المعتمدة على الكيماويات المحضة والتركيز على النظم الطبيعية والأبحاث والدراسات للطبيعة لكل منطقة وخصوصيتها وظروفها ونباتاتها المناسبة لإعادة اعمارها بطرقها تقنياتها المناسبة لها .
إننا مخيرين اليوم بين انتظار الموت التدريجي لكوكب الأرض ونحن نشاهده أمامنا او خوض معركة مع الموت والتصحر لحماية الحياة والأرض للأجيال القادة ولنا معا, فإما أن نوقف الصحراء عند حدها او ستبتلعنا جميعا دون أن تبالي بنا وبما نحن به .
(يتبع الجزء 3 )
مملكة اطلانتس الجديدة , ارض الحكمة
ائتلاف التنمية المستدامة ,د. رماذ الأعرج