للسوريين عادات وطقوس رمضانية خاصة لا تختلف إن كانوا في أقصى بقاع الأرض أو في سوريا، يتناقلوها في كل زمان ومكان ومن جيل إلى جيل كموروث حي لا يمكن تجاهله أو التغافل عنه.
فمع اقتراب شهر رمضان تفوح من كل منزل سوري روائح الأطعمة التي تميز مائدة الشهر الرمضاني عن غيره من باقي الأشهر، فضلاً عن “لمة العيلة” التي تكتسب رونقاً خاصاً في هذا الشهر.
*”لمة العائلة”*
يرى السوريون في شهر رمضان فرصة سانحة للاجتماع وتبادل الزيارات فيما بينهم، ولا سيما في اليوم الأول منه عند “كبير العائلة”.
وتجتمع كل العائلات في بيت الجد عادة في اليوم الأول منه، وتتعاون الإناث على تحضير طعام الإفطار المكون من أصناف عديدة، تجمع ما لذّ وطاب من المأكولات والمشروبات، وتنتهي باجتماع كل الأفراد على المائدة، في عادة لم تتغير منذ عشرات السنين.
وفي بلدان اللجوء يعمد السوريون إلى تبادل الزيارات مع أصدقائهم ومعارفهم كنوع من استحضار أجواء الحنين إلى الطقوس السورية، بغية استعادة بقايا تلك المشاعر القديمة.
يقول محمد عبد اللطيف، وهو سوري من دمشق، مقيم في تركيا لـ”روزنة”: “اللجوء عرّفنا على سوريين من محافظات مختلفة، لمة رمضان بالنسبة لنا أصبحت معهم”، ويردف، “في البناء هناك الجيران من حمص، وآخرون من حلب، هذه اللمة تقريباً أكبر من لمة العائلة في سوريا”.
**سكبة رمضان*
و لسكبة رمضان نكهة خاصة عند السوريين، إذ تعمد العائلات السورية خلال الشهر على الإكثار من الطعام حتى وإن كانت العائلة صغيرة، لإرسال “سكبة” (بعض من أطباق من الطعام) إلى الجيران قبل موعد الإفطار.
تكون “السكبة” غالباً مؤلفة من طبق أو طبقين من الطعام المطهو، كالكبة أو المحاشي، ما يغني المائدة أكثر على عكس الأيام العادية.
تقول مريم أحمد (44 سنة، مقيمة في حلب)، لـ”روزنة”: “لدي جارة بوضع مادي متردي للغاية، تقريباً لا تستطيع أن تطعم نفسها وعائلتها، ومع ذلك في شهر رمضان، لا تنسى أن تمرر أطباق الطعام لي ولعائلتي، وهي على هذه الحالة منذ 15 سنة.
*المسحراتي*
“يا نايم وحد الدايم” بهذه العبارة يفتتح المسحراتي دعوته للناس كي يستيقظوا ويحضّروا للسحور قبل أذان الفجر، قبل أن يبدأ بتلاوة أدعية ثم إنشاد أناشيد إسلامية.
ولكل حي “مسحّر” معروف من قبل الأهالي، يجول في حاراتها لإيقاظ الناس، ويطرق على أبواب المنازل، وفي العيد يتم تخصيص مبلغ معين له من قبل الأهالي كمكافأة له على عمله.
يقول أبو عبدلله، 53 عاماً، من ريف دمشق لـ”روزنة”: “قديماً كان المسحراتي مهم للغاية، بغياب وجود ساعات تنبيه وهواتف خليوية، كان لا يمكن الاستيقاظ إلا على صوته وهو ينادي، وللأمانة لم يكن مسحرون كثر يتقاضون أي مبالغ مالية، هم كانوا يعتبرونها خدمة خالصة لله، لكن الآن أصبح المسحرون يتقاضون مبالغ وما يسمونه بعيديات”.
*المشروبات والمأكولات*
مع قدوم شهر رمضان، تتغير الأطعمة التقليدية في الأسواق، إلى أطعمة ومأكولات رمضانية، إذ ينتشر بداية التمر، ثم تنتشر المشروبات كـ العرق سوس والتمر هندي، والجلاب، إضافة إلى أنواع حلويات مفضلة لدى الناس كـ القطايف، والمشبّك، لفائف قمر الدين.
يقول أبو إسماعيل، 47 عاماً، من دمشق لـ”روزنة”: “في أحياء دمشق، ينتشر في رمضان الناعم، وهو عبارة عن خبز مشروح مقلّى ومضاف إليه دبس العنب أو دبس التمر، غالباً ما ترى أهالي دمشق يحملونه إلى منازلهم قبل الإفطار”، أما في حلب، فينتشر بكثرة “المعروك”، ويعد باعة المعروك شهر رمضان موسماً للبيع الوفير بالنسبة لهم.
أما على المائدة، فيعد طبق الفتوش و التبولة أساسي بالنسبة لمعظم السوريين، إضافة إلى الشوربة والتي تكون في الغالب مكونة من العدس.
*تكريزة رمضان*
تعد تكريزة رمضان من العادات الشامية المميزة، وهي تسبق شهر رمضان بأيام قليلة لا تتجاوز الأسبوع، وتعد نوعاً من التحضير لشهر رمضان.
إذ تجتمع العائلات وتتوجّه من دمشق إلى المنتزهات والبساتين والمناطق الطبيعية في أرياف دمشق، ويحضّرون وجبات كبيرة.
وتعد التكريزة فرصة للقاء أفراد العائلة ببعضهم البعض، لكنها بحسب ما قال يوسف، 34 عاماً من دمشق، لـ”روزنة”، إنها قلّت خلال السنوات الماضية، سواء بسبب ظروف الحرب خلال السنوات الثمانية الماضية، أو حتى انشغال الكثير من السوريين بالحياة وهمومها.
المصدر .. ايمان حمراوي
موقع التواصل الاجتماعي
مملكة أطلانتس الجديدة
وزارة السياحة
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار
إعداد.. عائشه سنيور