أما بعد
(آخر قبلة)
قال لي ساحكي لك حكاية ،أو أروي لك ما مر بعناية.
نهضت كعادتها قبل الفجر أعدت الفطور بعد صلاتها ووردها المعتاد، كان فطورا بلديا ،مربى (الرنج) المفضل لديها والمصنوع بإبداع منها، كانت الشوكولاتة التي تدهن بها خبز القمح او الشعير المخبوز بيديها وصحني الزيتون الأسود والاخضر الضروريين في مائدتها وزيت الزيتون في صحن ابيض يظهر خضرتها وصفاءها ، وبعد العاشرة صباحا ، كان البيت نظيفا و على أحسن ما يرام ، والغذاء على الطاولة بعد صلاة الظهر مباشرة وبعدها ابريق القهوة المقطرة ، بعد الغذاء بهنيهة لم تستمتع بقيلولتها المعتادة، لكنها أخذت غرابيلها المتعددة الإستعمالات لتتفنن في غربلة دقيقها ،من (حمرة ..خاصة بالكسكس الى سميد رقيق وغليض الى نخالة باحجامها منها ما تستعملها لتقريص الخبز ومنها ما تستعمله لنوع من الحلوى كانت تعشق الدقيق البلدي وكانت تتفنن فيه بحب ، وكنت اعشق رؤيتها وهي بخرقة خاصة بيضاء على رأسها ، وقميص بلدي تشد اكمامه (بتشامر) و سروال (قاندريسي مطرز من اناملها ) اتمت غربلة الدقيق ومنه صنعت خبز اللمجة و مسمن محشوا بالخليع (القديد المصنوع بالبيت كذلك ) كما كانت تصنع كل موادها الغذائية بنفسها، وبعدما وضعت كل شيء على المائدة ، كانت تستعد للمراجعة مع ابنائها بحماس لان همها كان أن يكونوا متفوقين وبعدها ذهبت إلى حمام الحي لتزيل تعب النهار وما قامت به وما أن نام الأطفال بعد عشاء بلدي كذلك جلست على آلة الخياطة التي تعشقها وتبدع فيما تطرزه بواسطتها وهي تستمع لأغاني الزمن الجميل ، لتكمل قميصا تطرزه لزبونة وعدتها به في اليوم الموالي كانت فنانة .ومبدعة
و من الواحدة صباحا الى 4:30 او 5:00 وهي تطرز ذاك اللباس لكي تفي بوعدها ،ولكي تأخذ ثمنه وتشتري ما بقي لها من اغراض لأنها كانت بشهرها التاسع وبالضبط في تلك الليلة كان الوجع كثير وكانت تتحمل وتقول لابد ان أكمل عملي لانني وعدت السيدة بأن تلبسه اليوم في حفل زفاف ابنتها، كانت سيدة تجيد عملها ومضبوطة المواعيد تتفانى في صنعتها اكملت ما تطرز وبعد نصف ساعة سمعت صراخ ابنتي وهي في أحشائها والله علي شهيد….قد تستغربين ولكن (ذاك امر رباني ..)
اتدري من تكون تلك المراة العظيمة التي اكملت معي الرسالة ولم تتضجر مني يوما و اشهد الله انها كانت قنوعة مدبرة وكنت لها زوجا سندا واحببتها دون نساء العالم وما كنت اقبل ان تصيبها شوكة تؤلمها طوال عمري وهذه شهادة في حقها اريدك ايصالها بامانة قد لا نلتقي بعد …
انها الحاجة والدتكم السيدة الأصيلة …..و بعد ساعتين من حوارنا بعدما قبلني آخر قبلة وقال لي لن تحتاجي شيئا ابدا …..وصل عتبة بيته و بابتسامة انتقل الى الرفيق الأعلى …
وكانت وصيته اول صرخة على فمي بامانة قبل تقبيله وهو على النعش ينتظر لقاءه بمولاه …..
بقلمي للاإيمان الشباني، ائتلاف وزارات مملكة اطلانتس الجديدة ارض الحكمة ،، وزارة السعادة