عند حافة الوجود: غروب الشمس الأخير،، أ. عامر مروان
حقيقة تنكشف فقط لأولئك الذين يجرؤون على الصعود إلى هذا المكان.
على قمة هذا الجبل الشاهق، حيث تلتقي الأرض بالسماء، وجدت نفسي وحيدًا أمام مشهد يخطف الأنفاس. غروب الشمس أمامي ينساب ببطء، يُغرق الأفق في بحر من الألوان المتلاشية، بينما تتردد في أذني نغمات موسيقى هادئة كهمس الزمان المنسي. في هذه اللحظة، أشعر كأنني أقترب من حقيقة غامضة، حقيقة تنكشف فقط لأولئك الذين يجرؤون على الصعود إلى هذا المكان.
أنظر إلى الشمس وهي تغيب خلف الأفق، كأنها آخر شعاع أمل يذوب في قلب الظلام. كل دقيقة تمر، تأخذ معها جزءًا من النور، وكأنني أشهد احتضار الكون في صمت مطلق. هنا، بين السماء والأرض، تبدو الحياة وكأنها تلاشت، لم يبقَ سوى أنا وهذه اللحظة، حيث يُغلفني الشعور بالعدم.
الموسيقى الهادئة تصاحب هذه اللحظة، تحاكي نبضات قلبي المتباطئة، تذكّرني بأنني مجرد زائر في هذا العالم، زائر تتلاعب به أقدار لم يخترها. الرياح تحمل معها رائحة البرودة، تلامس وجهي، وكأنها تحاول أن تسرق مني بقايا الدفء الذي تبقى في روحي. كل شيء هنا يبدو مختلفًا، كأنني أراقب نهاية عالم لم أعرفه قط، عالم يحتضر أمام عينيّ، ومعه أحلامي، طموحاتي، وحتى ذاكرتي.
حين تغوص الشمس في بحر الظلام، ويحل الليل بسواده، أشعر بأنني أتحول إلى جزء من هذا الفراغ العظيم، كأنني ذرة ضائعة في لانهائية الكون. هنا، على قمة الجبل، أدركت أن الحياة ليست سوى وهم عابر، لحظة غروب تختفي لتتركنا في مواجهة حقيقة أكثر عمقًا وغموضًا مما نستطيع تحمله. لقد تركتني هذه اللحظة أسيرًا لصمتها، تائهًا بين السؤال والجواب، بين الوجود والعدم، في رحلة لا تنتهي إلا بطلوع شمس جديدة، قد لا أكون حاضرًا لأراها.
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،، أ. عامر مروان