عرش الظلال في متاهة النسيان، أ. عامر مروان
الصمت قد نسج لي عرشًا من الظلال في قلب غابةٍ سرمدية
وكأن الصمت قد نسج لي عرشًا من الظلال في قلب غابةٍ سرمدية، لا تصل إليها شمس النهار ولا تسكنها نجوم الليل. هناك، بين أشجارٍ تلتف حول نفسها في ضياعٍ أبدي، يسكن روحي صمتٌ أعمق من أعماق النسيان، كأنني تائه في سباتٍ لا نهاية له، حيث الزمن يتوقف عن الحركة، والأفكار تتحلل كأوراق الشجر السوداء تحت وطأة الخريف الأبدي.
في هذا السكون المطلق، تتلاشى الكلمات، تتحلل إلى رمادٍ يذروه الريح، وتبقى النفس معلقةً بين الحقيقة والوهم، بين الحياة والموت، كأنني ملكٌ على عرش العدم، تفتنني العتمة بوحشتها وتغمرني الوحدة بعمقها اللامتناهي. هو العرش الذي يجمع بين شظايا الأحلام المكسورة وأصداء الصمت الذي يأكلني ببطء، كأنني أتوه في ضوء النسيان الأبدي، فلا شيء هنا سوى هذا السواد، ولا صوت سوى همسٍ خافتٍ ينبعث من أعماق الغابة، يخبرني بأنني لن أعود إلى ما كنت عليه، لأنني الآن جزء من هذه الظلال، سرمديًا، لا نهائيًا، في قمة السكون القاتم.
وفي النهاية، يتلاشى كل شيء إلى العدم، كأنني لم أكن سوى هاجسٍ عابر في خضم هذه الغابة السرمدية. يتبدد الصمت في طيات السواد، وتبقى روحي ضائعة في متاهات اللاوجود، حيث لا مكان للعودة، ولا أمل في الفجر. فقط، ظلال تتراقص في العدم، وهمسات تنسحب إلى أعماق النسيان، حتى ينطفئ آخر بصيصٍ من الوعي في سباتٍ أبدي، حيث لا شيء سوى الظلام يعانقني للأبد.
أ. عامر مروان،،الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار