هراء الاقتصاد الإسلامي في عالم علماني !!!،، د.قطر الندى عزيز دعدوش
هل يمكن أخلقة الاقتصاد ؟
هل يمكن أخلقة الاقتصاد ؟؟ ، في عصرنا الحالي حيث تتراقص المعادلات الاقتصادية بطريقة مدهشة على خلفية اقتصاد علماني خالص ، و في عالم يواصل تطوراته الاقتصادية بقفزات جبارة و مقلقة في ذات الوقت ، يبرز بعض الأفراد وكأنهم من عصور بعيدة ينادون بضرورة تطبيق نظام اقتصادي إسلامي كما لو أننا نعيش في زمن مضى حيث كانت الاقتصادات تتشكل باليد قبل أن ينشأ النظام الاقتصادي العالمي القائم اليوم على أساسات وقوانين علمانية صارمة جدا ، هؤلاء السطحيين الذين ينادون بإصلاح و” أخلقة الاقتصاد ” ، يتجاهلون حقيقة أن هذا العالم يدور في فلك نظام مالي يفصل الدين عن السياسة ويعتمد على مؤسسات مالية عملاقة تستخدم أدوات ركيزة في الاقتصاد العالمي مثل الفائدة الربوية والعقود الجزافية والمعاملات التي تعتبر مخالفة للشريعة الإسلامية .
لنلقي نظرة علمية و واقعية على الأمر : الدول العربية و رغم ثرواتها الطبيعية الثرية ، فهي ليست سوى كعكعة صغيرة في ساحة الاقتصاد العالمي فضلا عن صغرها على الساحة السياسية ، حتى روسيا والصين الدولتان الكبيرتان اللتان تتمتعان بنفوذ اقتصادي وسياسي كبير ، لم تتمكنان من تفكيك النظام الرأسمالي المتوحش الذي يهيمن على الأسواق بالطول والعرض وخلق نظام مالي جديد ، فكيف يمكن لدول صغيرة بأقتصادات بدائية و ذات وزن اقتصادي وسياسي محدود ، أن تعتزم و تفرض تطبيق نظام اقتصادي إسلامي؟ ، الأمر أشبه بمحاولة سباح مبتدئ مواجهة عاصفة هوجاء في البحر .
فكرة أو حتى الكلام عن تطبيق نظام اقتصادي إسلامي في ظل الظروف الحالية ، تعني أننا سنكون محكومين بالوهم لا اكثر ، ولك أن تتخيل معي أن لا نبيع النفط والغاز وإلا وفق شروط الشريعة الإسلامية !!! ، من سيشتري هذه الموارد بموجب شروط لا تتماشى مع النظام المالي العالمي المعتمد الذي تحرص عليه ترسانات نووية ؟؟ ، للاسف الواقع يفرض علينا التكيف مع القوانين والأنظمة التي تحكم الاقتصاد العالمي لأننا جزء من هذا النظام العالمي العلماني ، لأن أي محاولة لتجاوزها بدون دعم أو تغيير جاد على المستوى الدولي لن تؤدي سوى إلى عزلنا عن الأسواق العالمية على أقل الأضرار .
لنكن واقعيين بعيدا عن الروباغندا ، فمجرد الكلام عن نظام اقتصادي إسلامي في ظل النظام العالمي العلماني الحالي هو حلم يظل محبوسا في نطاق الأوهام ، من الأفضل أن نتعامل مع اقتصادنا بواقعية علمية بدلا من محاولة ترويج لنظام قد يبدو للوهلة الأولى كأنه تحصيل حاصل من العصور الماضية حين كانت الاقتصادات بسيطة جدا ، الواقع يفرض علينا فهم أعمق للمعادلات الاقتصادية الحالية ، والتكيف معها بدلا من الوقوف في مواجهة عاصفة اقتصادية لا يمكن مجابهتها بالأماني ، لا شك أن جميعنا يحب أن يطبق شرع الله في جميع مناحي الحياة على وجه المعمورة ، لكن التمنيات و العواطف لا تصنع واقعا ، والفرق بين الأحلام الوردية والواقع القاسي هو ما يتطلب منا التفكر والتأمل ، الواقع هو المقياس الحقيقي ، وهو ما يفرض علينا أن نتعامل معه بكل حنكة وذكاء ، بعيدا عن الأوهام التي لا تجدي نفعا في عالم يزداد تعقيدا يوما بعد يوم .
مصادر الكترونية
الائتلاف الوزاري الأول بمملكة اطلانتس الحديدة ،،، الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار
قطرالندى عزيز دعدوش