مقالات منوعة

المثل القائل” رب اخ لك لم تلده امك، د. صالح العطوان الحيالي

الإنسان وتنمية العلاقات الاجتماعية،

المثل القائل” رب اخ لك لم تلده امك ”
ـــــــــــــــــــــ
الإنسان بطبيعته وفطرته يميل للتعرف على الناس ويسعى جاهداً لتكوين الصداقات و يحرص دائما على تنمية العلاقات الاجتماعية، لأنه لا يستطيع أن يعيش لوحده في هذا المجتمع. وقد حث الله تعالى الناس وشجعهم على تكوين الصداقات والتعارف في القول والفكر والعلم ، والدليل على ذلك قولةِ تعالى «يا أيها الذين امنوا إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» صدق الله العظيم. وللتعارف فوائد كثيرة ومن أهمها تكوين الصداقات الحقيقية، «فالصداقة كنز لا يفنى» وتعتبر شي ثمين كما إن الإنسان لا يستطيع أن يواصل مسيرة الحياة بدونها، لكن يجب أن يكون الاختيار موفقا في انتقاء الصديق الحقيقي، الذي من الضروري أن يكون للإنسان بمثابة الأخ الصالح والصديق الوفي الذي يحافظ على صديقه ويحفظ أسراره ويشاركه أحزانه وأفراحه، ففي بعض الأحيان يكون الصديق اقرب إلى الإنسان من الأخ الحقيقي الذي تربطه صلة الدم والنسب ، ونستدل بذلك بمقولة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب الذي قال «رُب أخ لم تلده أمك». و لطالما كنت اسمع وأقرأ هذه المقولة لكنها كانت تمر علي مرور الكرام، وكنت اعتقد إنها مجرد صياغة لفظية أو عبارة مثل باقي العبارات ولكن عندما أخذت أتمعن فيها وادقق في كلماتها أدركت إنني أعايش معناها الحقيقي مع أخي وابن خالتي «أيوب». وكلما فكرت في أن أصيغ سطورا وعبارات أصفه بها اعجز عن ذلك، وتتلاشي أفكاري خوفاً من عدم قدرتي على إيفاء هذا الأخ العزيز حقه، فهو نعم الأخ والصديق ونعم الابن البار بوالديه ونعم الواصل لرحمه، كما إن المقولة السابقة تنطبق عليه، فهو اخي الذي لم تلده امي واقرب إنسان إلى قلبي. لهذا أتقدم بخالص شكري وامتناني لأخي العزيز، واشكره على كل ما فعله من اجلي، واحييه إجلالا وتقديرا على كل الجهود التي يبذلها في سبيل إسعاد الآخرين. ** اللهم يا عزيز يا ودود، احفظ أخي أيوب ، وابعد عنه شر العيون ، وارزقه المال والبنون** اللهم آمين
كثيرون هم الاشخاص الذين يمرون في حياتنا منهم من يمُر مرور الكرام دونما أثر يُذكر ومنهم من يترك أثراً عظيماً في نفوسنا فهم ليسوا مجرد عابري سبيل في مشوار حياتنا هم يشاركوننا احزاننا قبل افراحنا فنجدهم يقفون بجانبنا فى شدتنا وهم أول المهنئين فى وقت فرحنا يفهموننا ينصحوننا يعتريهم القلق ان غبنا فيسألون عنا ويخافون علينا ليس بيننا وبينهم أية مصالح يحبوننا في الله ولله تعلمنا منهم الكثير ومن خلال مواقف كثيرة تأكدنا من صدق أُخوتهم ومحبتهم ونقاء سرائرهم هم بالفعل اصحاب علامة في حياتنا حتى أضحوا جزءا لا يتجزأ منها! نُولد في هذه الحياة ولنا أخوة لم نختارهم نحن ولكن مشيئة الله أرادت ذلك هؤلاء نحبهم بالفطرة ونتقبل السيء منهم قبل الحسن ولكن هناك أخوة آخرون تجمعنا بهم الأقدار يسخرهم رب العالمين لنا فنختارهم ليكونوا أخوة ورفاق درب فتحلو الحياة بهم بقلوبهم الوارفة الظلال يحتووننا ويشاركوننا همومنا ويضمدون جراح قلوبنا هم بحق هدية ربانية قد تغيبهم الايام عنا تارة وقد تبعدنا عنهم ظروف الحياة تارة اخرى لكن مهما حصل سيظلون دائما في ذاكرتنا وبصمتهم المميزة ستبقى محفورة خالدة في اعماقنا فهم أُخوة قبل ان يكونوا أصدقاء وبالفعل «رب اخ لك لم تلده امك «! أخ يدفع الأذى عنك ويجلو همك أخ يقبل عذرك ويسامحك يظن بك الظن الحسن وإن أخطأت بحقه أخذ يلتمس لك الأعذار يحفظ غيبتك يتمنى لك الخير دائما ويعينك على العمل الصالح ويسعى في حاجتك اذا احتجت اليه يدعو لك بظهر الغيب يفيدك بعلمه و صلاحه و أدبه وأخلاقه ويرفع شأنك بين الناس ولك الحق ان تفخر بصحبته ! البعض لا يؤمن بل ولا يعترف الا بإخوة الدم والنسب هؤلاء يعتقدون ان الاخوة لا تأتي الا بتلك الرابطة الدموية هم للأسف قد لا يصلحون اساسا للصحبة والاخوة الحقيقية هم لم يتوثقوا برباطها فلم يشعروا بهذه العلاقة الانسانية الراقية فلا ولن يدركوا معناها ابدا ففاقد الشيء لا يعطيه! واخيراً «سلام على الدنيا إن لم يكن بها صديق صـدوق صـادق الوعـد منصـف»!
اصل المثل
“رب أخ لك لم تلده أمك” مثل يضرب للشهامة ووقوف الصديق بجانب صديقه في وقت الشدة، كناية عن قربهما من بعض بحيث يصيروا كالأخوة التي لم تلدهم أم واحدة، كما أنه يضرب في حالة وجود تشابه كثير بين اثنين، ولهذه المثل أصل عند العرب.
ذكر كتاب “المنتقى من أمثال العرب” أن أول من قال هذا المثل هو لقمان بن عاد، حيث كان يسير ذات يوما فأصابه عطش شديد، فاقترب من مظلة في فناءها امرأة تداعب رجلا، فطلب منها لقمان أن تسقيه، فقالت له “أتريد لبنانا أم ماءا؟، فقال لقمان “أيهما كان”، فقالت المرأة “اللبن خلفك والماء أمامك”.
وبينما هو ينظر إلى اللبن والماء وجد في البيت طفل صغير يبكي ولا أحد يهتم به فقال لها لقمان “إن لم يكن لكم في هذا الصبي حاجة أعطوني إياه وأنا أكفله” فقالت المرأة هذا الكلام إلى هانئ زوجها فسألها لقمان عن هانئ الشاب الذي يجلس بجانبك موضحا لها أنه ليس زوجها، فقالت هذا أخي، فقال لقمان وهو يعلم أنه ليس أخيها “رب أخ لك لم تلده أمك”، فصارت مثلا.

د. صالح العطوان الحيالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى