حقيقة ثمة منافع معينة في استخدام مفهوم التنظيم الاقتصادي بالمعنى التقليدي، وكذلك بالمعنى الواسع، أي بوصفه مرادفاً للتنظيم العام للاقتصاد. ويذهب إلى إمكانية فهم الرأسمالية بوصفها شكلًا من أشكال التنظيم الاقتصادي والاجتماعي، الذي يتسم بحقيقة أن الربح أحد أهدافه، وليس الاستهلاك وحده؛ وأن الربح ينبغي أن يعاد استثماره دائماً في إنتاج جديد. كما يرى أن المناطق الصناعية وعملية العولمة مثالين من أمثلة التنظيم الاقتصادي بالمعنى الواسع. كما أن للادبيات المتعلقة بالمناطق الصناعية أهمية فائقة لعلم الاجتماع الاقتصادي.
أما الشركات، فنرى إنه لإحداث تطوير واقعي ودقيق في علم اجتماع الشركات، يغدو تعزيز علم الاجتماع الاقتصادي بطرائق عدة أمراً على قدر من الأهمية ، لذا ينبغي لعلم الاجتماع الاقتصادي أن يفارق النزعة الحالية في نظرية التنظيمات المتمثلة في مساواة الشركة بسائر التنظيمات الأخرى، “وفي هذا، ثمة حاجة إلى معرفة تاريخية أفضل حول ظهور مختلف أنواع الشركات، ليس أقلها الشركات العائلية التي أهملت بغير حق في علم الاجتماع الاقتصادي. كما يجدر إيلاء المزيد من الاهتمام لدور العمل اليومي داخل الشركات، وحول هذه المسألة، يمكن استخدام علم الاجتماع الصناعي الذي كان سائداً في خمسينيات القرن العشرين، كأنموذج للمحاكاة .
المقاربات الاقتصادية للأسواق والسوسيولوجية للأسواق هناك نظريات مختلفة حول الأسواق. “كانت عناية علماء الاجتماع بالأسواق أقل من عناية علماء الاقتصاد بها على نحو ملحوظ. وعلى الرغم من ذلك، ظهرت نظريات عدة حول الأسواق، من قبيل فكرة “فيبر” عن الأسواق بوصفها منافسة في المبادلة، والأسواق بوصفها شبكات، وفكرة أن الأسواق يمكن صياغتها مفاهيمياً كجزء من حقل. كما نوقشت أفكار مختلفة حول الطريقة التي يمكن أن تحدد الأسعار من خلالها وتحلل من وجهة نظر سوسيولوجية، بدءاً من دور السلطة في تحديد الأسعار، وصولاً إلى فكرة “فليغشتاين” أن المؤسسات التجارية تحاول تجنب المنافسة وتسعى إلى استقرار الأسعار. ومع ذلك، يبقى ثمة عمل وافر ينتظر الإنجاز قبل أن نتمكن من القول إنه أصبح لدينا جملة كافية من الأدبيات السوسيولوجية حول الأسواق، بما فيها تكوين الأسعار.
في السياسة والاقتصاد نجد مجالاً يجادل فيه “سويدبرغ” لإثبات الحاجة إلى علم اجتماع اقتصادي للسياسة. ومن الأشكال التي ينبغي لهذا النوع من التحليل اتخاذها في علم الاجتماع المالي ودراسات حول مختلف محاولات القوى السياسية توجيه الاقتصاد، سواء من جانب الدولة أو من جانب جماعات المصالح. ويرى أنه يمكن تعلم الكثير عن دور الدولة في الاقتصاد، من علم الاقتصاد ومن الأدبيات السوسيولوجية. بالنسبة إلى الأول، فقد جرى التطرق إلى “الواجبات الثلاثة للعاهل ذي السيادة وفقاً “لآدم سميث”، وعلم الاقتصاد المؤسسي “لجيمس بوكانان”، والنظرية النيوكلاسيكية للدولة ل”دوغلاس نورث.” وفي علم الاجتماع، ثمة نظرية الهيمنة , إضافة إلى مواد أخرى حديثة، مثل أفكار “فليغشتاين” حول مركزية الدولة في الحياة الاقتصادية.
لقد تجاهل علماء الاجتماع الاقتصادي دور القانون في الحياة الاقتصادية، وقالوا : إن اتجاهاً كهذا يحتاج إلى تصحيح، وكما المعتاد، ثمة بعد قانوني للظواهر الاقتصادية، وهذا من شأنه أن يدخل طبقة جديدة ضمن التحليل. وقد وضعت مخططاً تمهيدياً لأجندة تتعلق بعلم الاجتماع الاقتصادي للقانون، تتركز حول مؤسسات من قبيل: الملكية، والميراث، والشركة بوصفها فاعلاً قانونياً. وأشدد على مسألة أن القانون قد يعرقل النمو الاقتصادي أو يبطئه أو يسرعه . كما نجد أن دراسة القانون وعلم الاقتصاد متقدمة في كثير من الجوانب على علم الاجتماع الاقتصادي المتعلق بالقانون، ويمكنها، تالياً ، أن تكون مصدر إلهام على غرار دراسات محددة في القانون والمجتمع وفي علم اجتماع القانون.
الدكتور محمد العبادي