لم تكن يوماً مكانة السياسي التي تعلو مع تأسيس الدولة وازدهارها كافية ليعتلي السياسي أعلى درجات المجد على سلم الدولة أو المجتمع إذا لم تحتل الشفافية والنزاهة والأخلاق والصدق حيزاً كبيراً في حياته وسلوكه ، وان يتمتع بسعة الصدر وقوة البصيرة ونور الحكمة التي يجب أن تلتصق بالسياسي المميز ، فما قيمة رجل السياسة إذا لم يتحلى بروح الوعي الذاتي ويتوجه نحو العمل والتكاتف مع مجموعته الحكومية والاحساس بروح الفريق الواحد ، والعمل الدؤوب على إصلاح الشأن العام وتطويره بإستمرار ، وتحسين مستوى الخدمات العامة والمستوى المعيشي للناس، وعليه أيضاً أن يكون قريباً منهم يستمع لهم ..يحاورهم ..يجد الحلول التي ترضيهم .
ومن واجبه أن لا يتخذ أي قرار إلا بعد دراسته ودراسة نتائجه وأبعاده ليصب في المصلحة الوطنية أولاً وأخيراً .
فالسياسي وعلى التأكيد لديه من الوعي لتقدير القرارات المهمة ومدى صلاحيتها وفائدتها ومد انعكاساتها على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث أنه يتمتع بثقافة دستورية وقانونية واسعة، وإذا تحدث …تحدث بشكل هادئ منضبط ، لديه القدرة العالية على على مهارة الإقناع والتفاوض والتكتيك الاستراتيجي وكسب ثقة واحترام وتقدير الآخرين.
أما اسباب سقوط السياسي وفشله فهي عديدة ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر.
__ عدم إختيار الشخص المناسب للمكان المناسب .
__ الفساد ومردُّ ذلك إلى بعض الطبقات السياسية الفاسدة التي تتحرك وفقاً لمصالحها الشخصية أو الحزبية واستخدام المحسوبية والقرابة وما يسمى ( الواسطة ) .
وكما للفشل اسباب هناك للنجاح اسباب أيضاً ، ولكي نتجنب الأخطاء الكارثية علينا فتح الآفاق العقلية للتعامل مع الاحداث وقراءة الواقع السياسي المحلي والعالمي بطريقة حكيمة واقعية وفهم عملية الترابط بين أجزاء العمل السياسي ، وترسيخ مفهوم سيادة القانون ، والإسناد إلى فكر سياسي مرجعي واضح يرسم معالم العمل السياسي الذي يحاكي الواقع.
ولعل من أهم ما أراه في السياسي الناجح ، أن يكون رجل دولة بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، رجل يتقن مهارة التعامل مع الجميع وفق مبدأ فن الممكن ، رجل وطني لديه أجندة وطنية شاملة ، يدرك ما يدور حوله من متغيرات سياسية واقتصادية ، مبتعداً عن التذبذب السياسي والإنتهازية العمياء .
الدكتور : محمد العبادي
