التغيّر المناخي والمعلومات المضلّلة: كيف تحوّلت قضيّة البيئة إلى نزاع حول الحقيقة؟
إكسون موبيل# شركات # أمريكية # متعددة الجنسيات# أبحاث # المناخ
في أواخر سبعينيات القرن العشرين، كان العلماء في شركة إكسون، (إكسون موبيل الآن، وهي شركة أمريكية متعددة الجنسيات تعمل في مجال النفط والغاز)، يجرون أبحاثاً توصلت إلى حقيقةٍ مفادها أن حرق الوقود الأحفوري يوشك أن يغير مناخ الأرض بشكل كبير.
وتوقّعت هذه الأبحاث المبكرة ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم، وتمكّنت من التنبؤ بدقّة بمستويات ثاني أوكسيد الكربون التي نشهدها اليوم.
مع ذلك، وبحلول أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وعندما بدأ العالم ينتبه إلى حقائق تغيّر المناخ، وقفت إكسون على مفترق طرق: إما أن تكشف عن الحقيقة التي تعرفها بناءً على النتائج التي توصّلت إليها، وإما أن تسلك مساراً آخر هو مسار التعتيم، وقد اختارت الشركة بوضوح المسار الثاني.
خلال التسعينيات وأوائل الألفية، صرفت إكسون موبيل ملايين الدولارات على مراكز الأبحاث وجماعات الضغط التي قللّت من مخاطر تغيّر المناخ، مشكّكةً في العلوم التي اكتشفها باحثوها نفسهم. قررت الشركة إذاً أن تسلك طريق “صناعة الشكّ”.
وعبر زرع بذور الشك وتعزيز عدم اليقين في العلوم، تمكّنت إكسون موبيل من تأجيل التدابير السياسية العامة التي قد تهدد أرباحها.
ما هي أبرز 5 معلومات خاطئة/ مضلّلة حول التغير المناخي؟
في ما يلي بعض من الخرافات الشائعة منذ سنوات حول التغيّر المناخي مع تفنيدها:
تغيّر المناخ هو مجرد دورة طبيعية: في حين أن مناخ الأرض يخضع لتقلّبات طبيعية، فإن التغيرات الحالية تحدث بمعدل غير مسبوق ومدفوعة إلى حد كبير بالأنشطة البشرية. تظهر دراسة علم المناخ القديم أو “المناخات السابقة” أن التغيّرات التي حدثت في الـ150 سنة الماضية – منذ بداية الثورة الصناعية تحديداً – كانت استثنائية ولا يمكن أن تكون طبيعية. وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الاحترار المتوقع في المستقبل قد يكون غير مسبوق مقارنةً بالـ5 ملايين سنة الماضية. وبحسب موقع “ذا كونفرزيشن” الأسترالي، أظهرت دراسة استخدمت 700 سجل مناخي أنه، على مدار ألفَي سنة ماضية، كانت المرة الوحيدة التي تغير فيها المناخ في جميع أنحاء العالم في نفس الوقت وفي الاتجاه نفسه هي في الـ150 سنة الأخيرة، حيث ارتفعت درجات حرارة أكثر من 98 في المئة من سطح الكوكب.
لا يوجد إجماع علمي عالمي على تغير المناخ: أكثر من 97 في المئة من المجتمع العلمي يؤكدون أن تغيّر المناخ هو واقع وأنه يتسارع بشكل خطير بفعل الأنشطة البشرية. الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ هي مجموعة مكوّنة من ألفي عالم من جميع أنحاء العالم مستقلّين عن الحكومات أو الشركات، ويعملون منذ أكثر من 25 عاماً على تقييم ونشر الأبحاث المتعلقة بتغيّر المناخ والحلول الممكنة للتخفيف من آثاره والتكيّف معها. وتعكس نتائج هذه الأبحاث تأثير الإنسان في ظاهرة الاحترار العالمي.
ما يحدث مجرد تغيير في دورة شمسية مثل تلك التي حدثت في أوقات سابقة: صحيح أن هناك فترات يحدث فيها تباين في شدّة تأثير الشمس على الأرض. مع ذلك، منذ 35 عاماً نحن في دورة من الهدوء الشمسي، ورغم ذلك فقد زاد الاحترار العالمي.
التأثيرات ستحتاج إلى وقت لكي تُلاحظ، ولن يراها حتى أولادنا: في سبعينيات القرن الماضي، عندما بدأ تغيّر المناخ يكتسب أهمية علمية واجتماعية، كان يُقال إن تأثيراته ستبدأ بالظهور بعد قرون عدة. ومع ذلك، في غضون 40 سنة فقط، أصبح ارتفاع درجات الحرارة أمراً واضحاً بشكلٍ كبير: السنوات التسع الأكثر حرارة في التاريخ منذ بدء تسجيل البيانات (عام 1880) حدثت في السنوات الثلاث عشرة الأخيرة، ومنذ عام 2014، كُسِر الرقم القياسي لدرجات الحرارة السنوي كل عام. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاحترار العالمي له تأثيرات ملحوظة بالفعل مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وأسيد المحيطات، وزيادة احتمالية الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير، والحرائق، والفيضانات، وغيرها. كما يتسبب أيضاً في ظهور اللجوء بسبب المناخ، وتدمير النباتات والحيوانات، وفي النهاية تدمير الأنظمة الاقتصادية.
زيادة درجة الحرارة المتوسطة ببضع درجات ليست ضارة: استناداً إلى إدراكنا للحرارة، ومع الأخذ في الاعتبار أنه في اليوم نفسه قد نواجه تغييرات مفاجئة في درجة الحرارة تصل إلى 20 درجة، قد لا يبدو أن زيادة درجات الحرارة بمقدار درجتين فقط تشكّل مشكلة كبيرة. ومع ذلك، ما يبدو كفرق بسيط بالنسبة لنا هو كارثي على الزراعة والنباتات والمحيطات، وعلى أنواع الحشرات والحيوانات التي يعتمد بقاؤها بشكل وثيق على الظروف المناخية. وفي الواقع، يعاني نسبة كبيرة من التنوع البيولوجي على كوكب الأرض من ذلك بالفعل.
المصدر : BBC