شاهدني بعض الطُلاب أشرب القهوة ذات مرة وقالوا لي أنها مُضرة ، جاوبته فعلاً كل شيء له فوائد وأضرار والقهوة مثلهم ، وأكملت حديثي معهم وقُلت لهم بكل صراحة حتى لو علمت أن لها فقط أضرار لشربتها ، ليس عِنداً مِنى ولكن لكل إنسان بعض من الأشياء البسيطة تجعل يومه يمر مثل باقي الايام وعدم وجود هذه الأشياء البسيطة يُصعب ما تحمله هذه الأيام ، فتجد شخصاً يرى مُتعته في قضاء بعض الوقت أمام التلفاز ، أو الإستماع إلى الراديو و أكثر هذه الأشياء انتشاراً ، مشاهدة شخص لمباراة كرة قدم أو تشجيع فريق معين بطريقة جنونية ، فلا المباراة تستحق كل هذا التشجيع ولا النادي الذي يشجعه يستحق كل هذا التعصب ، إذاً فما السر ؟ السر هو أنه يُلهي نفسه بشيء يُنسيه شيئاً يُريد أن ينساه ، فإن هاجم شخصاً فريقه الذي يُشجعه تجده ينفعل جداً وكأنه يقول : كيف تسرق الشيء الوحيد الذي يجعل لحياتي معنى ؟ بالتأكيد أنا ضد هذا التعصب الشديد ، ولكن أُفسره فقط بأنه يدافع عن شيء بسيط يُبسط عليه أمور الحياة ولكن لابد أن يخرج في شكل أكثر بساطة ولا يخرج في شكل تعصب .
فالقهوة لا يحبها كل الناس ، تماماً مثل كرة القدم ، ولا أفرض على أحد حبها ولكنها من الأشياء البسيطة التي أتمسك بها ، فلا الطعام يُغريني ولا المال يغريني ولا أشجع التعصب في مباراة مهما كانت ، ولكن رائحة القهوة ومشاهدتها فقط في يدي يُريحُني بل وأشعر بالسعادة عندما أشتريها أو أذهب إلى أحد المحلات التي تمتليء بها ، ولماذا سُمي المقهى ” قهوة ” ولم يُسمى اسماً يتعلق بالشاي أو أحد المشروبات الأخرى ،اعتقد لأن القهوة لها مكانة خاصة في حياة من يعتاد عليها .
لا أريد أن أُبالغ وأقول أنها صاحب لي ، مع أني فعلاً أشعر أنها كذلك ولكن كل ما أستطيع أن أقوله هو أن يومي لا يكن مكتملاً بدونها.
أ. محمد الشريف. الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار