الكرم هو ان تعطي اكثر من استطاعتك وعزة النفس هي ان تأخذ اقل مما تحتاج. وعزة النفس ان تسمو وتبتعد عن كل من يقلل من قيمتك. والإنسان لايرى الكرامة ولا المهانة بل يصنعها لنفسه. فالكرامة وعزة النفس امران مرتبطان ببعضهم البعض ويجب على كل شخص ان يلازمها للحفاظ على نفسه . وهنا اسرد لكم مما ذكره ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد.
يحكي أن “كسرى” زعيم الفرس كان في مجلسه ،
فقال لحاشيتة من وزراء و وجهاء : «يجب ان نصاهر العرب»،فإنتفض كل من حوله ، وقالوا : «كيف لنا نحن الفرس ان نصاهر الحفاة العراه رعاة الابل؟!».
كان الفرس لديهم نظرة غرور ، وينظرون الى العرب نظرة دونية.سكت عنهم “كسرى” ولم يرد جدالهم ،
كان “كسرى” ملكاً وكان فيلسوفاً وطبيباً ، وكان يلقب بـ (أفلاطون الثاني). ذات يوم بينما كان في مجلسه ،
جاء بصندوق وأخرج منه عقداً لم يرى مثله من قبل ،
مرصع بالياقوت والزمرد وكل أنواع الحلي ، يقال قيمته تعادل عشرون ألف دينار ذهبي ،
تعلقت أبصار كل من بالمجلس بالعقد الثمين ،
فقال لهم “كسرى” : «هذا العقد لمن ينزع ثيابه كما ولدته امه اولاً».ما هي إلا برهة من الزمن حتى صار كل من بالمجلس عراه كما ولدتهم أمهاتهم من وزراء ومستشارين وعلية الفرس ،
وصاروا يتجادلون في من له الحق في العقد الثمين ، وكل منهم يقول انا من نزعت ثيابي وتعريت أولاً..!!
خلص الجدال ، وتحاكموا فيما بينهم على شخص لينال العقد الثمين ، وأعطاء “كسرى” ذلك العقد.
بعد فترة من الزمن ليست بالطويلة قال “كسرى” لوزيره : «سمعت عن حداد عربياً في المدينه ، أتوني به».
جاء الحداد العربي ، وهو متوجس يتملكه القلق ، ولما دخل على “كسرى” وكان مجلسه ممتلئا كالعادة ، قال له “كسرى” : «لا تخف وإنما جلبتك لأمر ينفعك».
وأحضر “کسرى” نفس الصندوق وأخرج منه عقداً لا يقل جمالاً عن سابقه ،
فظن من في المجلس أن “كسرى” سيَعيد الكرة ،
فوضع كل من في مجلس “كسرى” يده على ثيابه يتهيأ لنزعها طمعاً في العقد الثمين.
لكن “كسرى” إلتفت للحداد العربي ،
وقال : «هذا العقد ثمنه عشرون ألف دينار هو لك ،
لكن بشرط أن تنزع عنك ثيابك كما ولدتك أمك».
فرد العربي وقال : «والله لو أعطيتني فارس كلها وجعلتني ملكاً عليها على أن أنزع عمامتي ما نزعتها».
إستغرب كل من في المجلس من رد الحداد العـربـی ،
والتفـت “كسـرى” الـى وزرائه ونظر اليـهم نظـرة إحـتقـار وازدراء ،
وقال لهم :
«نحن الفرس نملك الملك والشجاعة ، لكن ينقصنا الشرف الذي أردت مصاهرة العرب من أجله».
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،، د. صالح العطوان الحيالي