مقالات منوعة

زحمة الحياة،، أ. همام حسين علي

زحمة الحياة المعاصرة، نتنقل بين تفاصيل متعددة تعبر عن هويتنا،

في زحمة الحياة المعاصرة، نتنقل بين تفاصيل متعددة تعبر عن هويتنا، وقد نشعر أحياناً أنه لا مجال للتآلف بين “كل ما هو أنت”. تبرز معالم الصراع بين مكونات النفس، وكأن كل جزء يسعى للهيمنة والتفرد. ولكن، متى ما لحظنا أن هذا التآلف يعد جوهر الإنسانية، نستطيع ان نستشف معنى عميقاً من تلك الهوية المتنوعة.

وجود كل جزء فيك يتفاعل مع الآخر هو سر النصر. فالحياة تكتمل عندما تتآلف غرائزنا ورغباتنا، حينما نتخلى عن أسطورة الانتصار الفردي لنحقق انتصارات جماعية. النصر الحقيقي ليس صراعا للفرد ضد الكل، بل هو احتضان الكل للكل حيث تتوحد الأجزاء لتعبر عن حياة نابضة.
إن الفضيلة تكمن في قدرتنا على دمج قوى الغرائز المختلفة، إذ تعزز من مسيرة الفهم التبادلي بين البشر. فكل إنسان هو عالم مستقل بحد ذاته، ولكن عندما نندمج، نصنع شيئاً أكبر من مجرد تجمع للأفراد. إننا نخلق حالة من الوعي المشترك، ويبرز وجودنا كجزء من كيان أكبر، ككل جماعي متماسك.
ومع ذلك، حضور “شيطانك” يرافقك دوماً. إنه يمثل كل ما يبعدك عن هذا التآلف، كل فكرة تقودك للاعتقاد بأن انتصاراتك الفردية تعني شيئًا. في هذه الحالة، عليك أن تستسلم لذلك الجزء الذي يسعى للحق، ما يعني أن تتحد مع كل أجزاء نفسك.
عندما تدرك أن ما تبتغيه من حياة هو تجسيد للكل، حينها تصل إلى قمة العطاء. كل ما يصدر عن تكاملك هو تأكيد لمدى غلبة الحياة. عليك أن تحذر من تلك النذير النفسي الذي يشير إلى فصل الأجزاء عن الكل، فهو قد يأخذك نحو شلل وموت اختياري.
في النهاية، كلما تآلفت أبعادك، واحتضنت تناقضاتك، كلما خدمت الكل، وسمحت للإنسانية أن تعيش في تناغم. فالنصر الحقيقي هو أن نكون معًا، ونحقق الوجود من خلال تآلفنا.

الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،، أ. همام حسين علي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى