غاية الوصول،،، أ. همام حسين علي
يبدو للوهلة الأولى أن الوصول إلى الأشياء هو الهدف الأسمى
قد يبدو للوهلة الأولى أن الوصول إلى الأشياء هو الهدف الأسمى، ولكن ماذا لو كان الوصول مجرد محطة في رحلة إدراك أعمق؟ إن الغاية الحقيقية ليست في امتلاك الأشياء أو الوصول إليها، بل في فهم جوهرها ومعناها.
تُشبه الحياة أحجية معقدة، حيث كل قطعة تعبر عن تجربة، وكل تجربة تحكي قصة. فعندما نسعى للحصول على ما نريد، غالبًا ما تنحصر رؤيتنا في الفكرة السطحية فقط. لكن عندما نتعمق في تأمل المعاني والمشاعر التي تنطوي عليها، ندرك أن الغنى الحقيقي يأتي من فهمنا لما يحيط بنا.
فمثلاً، قد تتعلق بإحدى العلاقات الإنسانية، وتكون مشغولاً بالادعاء أنك تملك هذه العلاقة، لكنك قد تغفل عن عمق الارتباط الروحي الذي يجمعكما. الإدراك هنا يكمن في تقدير اللحظات المشتركة، في فهم التحديات، وفي الاحتفاء بالأوقات الجميلة.
كما أن الطبيعة تقدم لنا مثالًا آخر؛ نحن ننجذب لجمال المناظر الطبيعية، ولكن ما قد يغيب عن أعيننا هو كيف تتشكل هذه المناظر عبر الزمن، وكيف تتفاعل عناصرها في تناغم رائع. ففهمنا لطبيعة الأشياء يجردها من بساطة المظهر ويمنحها عمقًا وحكمة.
في النهاية، يصل إدراكنا إلى درجة أعلى عندما نوقف ايقاع سرعة الحياة قليلاً، لنستمع للأشياء ونراقبها، سواء كانت أفكارًا أو مشاعر، أو حتى مشاهد طبيعية. فهذه اللحظات تمنحنا بصيرة متعمقة، تجعلنا قادرين على تمييز الخفي من الأبرز، والجوهر من الشكل.
لذا، من المهم أن ندرك أن السعي للوصول إلى الأشياء قد يكون مجرد بداية، ولكن الحكمة تكمن في إدراكنا لعمق هذه الأشياء، وكيف تسهم في تشكيل تجاربنا ووعينا. فالحياة ليست مجرد رحلة للوصول، بل هي اكتشاف مستمر لحقائق الأشياء ومعانيها.
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،، أ. همام حسين علي