في زوايا الحياة الهادئة، حيث تتناثر الألوان وتختلط الأصوات، يعيش الإنسان المختلف. إنه ذلك الفرد الذي ينظر إلى العالم بعينين مليئتين بالفضول، فيرى في الأشياء البسيطة تفاصيل عميقة وجماليات خفية. قد تثير انتباهه نبضات الحياة اليومية، لكن ليست تلك التي تتكرر بشكل ممل، بل ما يحمل في طياته قدرة على إلهام الفكر واستفزاز المشاعر.
الأشياء البسيطة التي يمكن أن تغفل عنها العيون العادية تصبح بالنسبة له نقاط استناد فكرية، كقطعة خشب مهملة تحمل في عروقها تاريخاً طويلاً أو زهرة تنمو في شقوق الرصيف. في هذه الفُسَح الصغيرة من الجمال، يتجلى جوهر الوجود، ويكتشف الإنسان المختلف أن القيم الحقيقية لا تكمن في التعقيد، بل في البساطة ما وراء الأناقة.
عندما يتأمل في الطبيعة أو ينصت إلى همسات الرياح، يجد أبعادًا جديدة للحياة. فتحت سماء مليئة بالنجوم، يدرك أن الإنسان ليس وحده، بل هو جزء من كون واسع ومعقد. يشع في نفسه شعور بالانتماء، لكنه يظل متمردًا على الأنماط التقليدية. يستقبل ما لا يراه الآخرون، فالمعنى يمكن أن يتخفى في كل زوايا التجربة.
إن الإنسان المختلف هو روح طامحة، تبحث عن الفهم في عمق المعاني، ولا تكتفي بالسطح. يستمد من بساطة الحياة وإلهامها طاقة تدفعه لاستكشاف أفكار جديدة وابتكار آليات لفهم الوجود. قد يبدو غريبًا في عيون البعض، لكنه يتمسك بسطور تاريخه الشخصي، مستنيرًا بالشغف الذي يوجهه لاستثمار كل لحظة.
لسنا بحاجة جميعًا إلى البراعة أو الفخامة لنجد معنى وجودنا. في زوايا بسيطة، يمكن للأشياء أن تُظهر لنا جمالًا لا نهائيًا؛ لذا، دعونا نحتفي بالإنسان المختلف ونسعى لنرى العالم من عينيه. فكل نظرة جديدة قد تُفضي إلى اكتشاف ثروات لم نتخيلها من قبل.
الهيئة العامة للثقافة والفنون والآثار،،،، أ. قتيبة حسين علي