السودان والصحراء والأراضي القاحلة
في السودان توجد مساحة لا يستهان بها من الصحراء الكبرى المعروفة , هي تشكل مصدر خطر أيضا , والسودان من دول المواجهة للجدار الأفريقي الأخضر ألكبير لعموم أفريقيا المعروف السالف الذكر , ولكن السودان أيضا من ضمن الدول التي لم تفعل شيء جاد وملموس على هذا الصعيد , وترك هذا الأمر جانبا من جهة المؤسسات الرسمية و الحكمية .
وفي العقد الماضي لوحده التهمت الصحراء في السودان حوالي 10 مليون فدان من لأراضي الزراعية وفي السودان , والمنطقة الشمالية من السودان بكاملها تقع على التخوم الصحراوية , بشكل مباشر للصحراء الكبرى , , والرمال تواصل الزحف بشكل مستدام لا يتوقف , بينما البشر منشغلين بالكثير من القضايا التي حولتهم الى فاقدين الرؤية البعيدة وكلا لا يرى أكثر من سقف مسكنه .
وكذلك الأمر من الجهة الشرقية للسودان والمنطقة الواقعة بمحاذاة البحر الأحمر , تزحف الرمال وتحلها الراح القادمة من البحر الأحمر لتلقي بها على طول الخط المواجه لها غربا وتنشرها على بعد عشرات الكيلو متر أحيانا .
وبحسب مصادر رسمية والهيئة القومية للغابات السودانية يفقد السودان اليوم أكثر من فدان في الدقيقة الواحدة , من الغابات أو الأرضي الخصبة والمناطق الخضراء او الصالحة للزراعة لصالح الصحراء , و بسبب الحرب والفوضى التي وقعت بها البلاد وإهمال الكثير من القضايا والإجراءات الضرورية المطلوبة لحماية , و الرعي الجائر ومهاجمة الجفاف الدائمة والرمال الزاحفة , توسع الصحراء ووصلت نسبها اليوم إلى 88% من مساحة السودان الكلية .
أدى هذا الواقع الخطر إلى دق ناقوس الخطر من قبل الهيئات الزراعية و القومية وحراس الغابات والعاملين في هذا المجال بشكل عام , ويكد الخبراء السودانيين وغيرهم , أن الصحراء إذا لم يوضع لها حد ستلتهم مساحة السودان كاملة خلال بضعة عقود ولن يبقى منها شيء صالح للزراعة او الاستثمار الزراعي , سوى في مناطق محدودة جدا في محيط النيل فقط , وهذه لن تكفي لشيء يذكر من عدد سكان السودان الذي تجاوز 45 مليون نسمة بحسب إحصائيات عام 2022 الرسمية , وهذا يعني وقوع كارثة حتمية إن لم توضع الخطط الملائمة وتم الالتزام بها .
ويؤكد الخبراء على ضرورة رفع وتيرة التوعية من خلال القيام بحملات توعية شاملة لعموم المواطنين بكافة السبل المتاحة , من اجل رفع الوعي لموضوع البيئة , والتثقيف من اجل حماية الأشجار وتنظيم الرعي ووقف استنزاف البيئة , وفي السودان المشكلة الأساسية في ترك هذا الموضوع والانشغال عنه طويلا من قبل الدولة بأزمات أخرى متعددة لا داعي لدخول بها ألان , ولكن طابعها سياسي وإداري محض ليس إلا .
وعلى بعد عدة كيلو متر من بور سودان حيث يقع الميناء الرئيسي في السودان , تحمل الرياح الرمال لتتركها في النهاية فوق الطريق , مما يجعل الطريق الريس يختفي باستمرار , ويحتاج إلى تنظيف و إزالة مستمر , وكثرا ما يتوقف سائقين الشاحنات ويخرجون أدواتهم اليدوية ويباشرون برفع الرمال التي غطت الطريق , ليتمكنوا من مواصلة رحلتهم .
هجرة الكثير من القرى في محافظة البحر الأحمر في السودان بسبب زحف الرمال عليها ولم يستطع الأهالي المواجهة بإمكانياتهم البسيطة , بعد أن جفت أراضيهم ووصلت الكثبان الرملية إلى البيوت ودفنتها ولم يعد من مجال للبقاء في هذه المناطق والقرى الصغيرة التي رحل سكانها بحثا عن مكان صالح للحياة أفضل بعد أن فقد المكان أمنه السكني والبيئي والغذائي بالكامل .
وفي تخوم مدينة بور سودان ومحيطها الشرقي يعاني السكان الأمرين من الرمال والتصحر وارتفاع نسبة الجفاف بشكل سريع ومروع في السنوات الخيرة , ويطاب الأهالي اليوم الجهات الرسمية الحكومية بمساعدتهم واتخذا الإجراءات الضرورية لحمايتهم من الرمال وتمكينهم من صدها .
جاري اليوم في السودان الكثير من المبادرات لرفع الوعي الشعبي بضرورة حماية البيئة , وتم البدء بمشاريع تشجير الكثير من المناطق , من خلال مبادرات أطلقت رسميا , ويشارك بها الطلبة والشباب بشكل عام كمتطوعين من اجل زرع ملاين الأشجار ,
ولكن ما زال العمل الرسمي والحكومي ليس بالمستوى المناسب لخطورة التصحر وتسارعه المستمر , مما يتطلب خطة طوارئ شامة مدروسة تحقق الثمار المرجوة منها وعدم ترك الموضوع بشكل مترهل ضعيف الإمساك به مما يجعل الصحراء أسرع في زحفها وهجومها من مسار مواجهتها .
معا نحو تنمية مستدامة وكوكب اخضر متجدد
يتبع ج 5
مملكة اطلانتس الجديدة , ارض الحكمة ,
ائتلاف التنمية المستدامة ,
رماز الأعرج , في (الصحراء , شعوب ورمال)
(الجزء الرابع )